شارفت أكبر وأطول أزمة ديون على طي صفحتها بعدما وافقت محكمة سعودية على مطالبات بنحو 14 مليار دولار على خلفية انهيار مؤسستين للأعمال قبل نحو 10 سنوات، إثر خلاف شق صف إحدى العائلات الثرية. وأفادت وثيقتان في المحكمة عن موافقتها على مطالبات بأكثر من 7 مليارات دولار من دائنين ضد مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه، و6. 5 مليار دولار ضد رجل الأعمال معن الصانع وشركته التي تحمل اسم مجموعة سعد، وفقا لـ«رويترز». ودب خلاف حاد بين أفراد عائلة القصيبي والصانع بشأن من يتحمل مسؤولية انهيار الشركتين في العام 2009. وينكر الطرفان ارتكاب أي مخالفات، ورغم ذلك، خلّف توقف عمل الشركتين ديونا لم تسدد بمليارات الدولارات لعشرات البنوك المحلية والدولية. وبحسب إحدى الوثيقتين، وافقت محكمة الدمام التجارية الأسبوع الماضي على مطالبات بأكثر من 7 مليارات دولار ضد مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه، من إجمالي قائمة مطالبات بقيمة 12 مليار دولار تقريبا. وأفادت وثيقة منفصلة أن المحكمة وافقت في ديسمبر الماضي على مطالبات بنحو 6. 5 مليار دولار ضد الصانع ومجموعة سعد، من إجمالي قائمة مطالبات بقيمة 18 مليار دولار تقريبا، مستثنية المطالبات المقدمة من موظفي المجموعة.
عمل القسم أيضاً على شكل مصرف داخلي لعائلة القصيبي. كبر القسم تحت إدارة الصانع وأصبح له تأثير كبير على المصارف. مع مرور الوقت، تعرّف الصانع على جلين ستيوارت الذي عمل لاحقاً مديراً تنفيذياً للمؤسسة المصرفية العالمية. كان ستيوارت أحد خريجي جامعة أكسفورد، وكان مهتماً بشؤون الشرق الأوسط. استغل درايته باللغة العربية والتمويل الإسلامي لإقامة علاقات تجارية وتقديم خدمات تمويل إسلامي. بعد أن قضى ستيوارت بعض مهام العمل في البحرين، انتقل إلى السعودية في عام 1989 لينضم إلى مجموعة القصيبي. كان ستيوارت يقدم المشورة للصانع بشأن العديد من آليات التمويل القصير الأجل، ومن ضمن ذلك الإجراءات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وفي عام 2001 واجه قسم الصرافة في مجموعة القصيبي وإخوانه بعض القيود القانونية، فاقترح ستيوارت إنشاء مصرف في البحرين. كانت خطوة حاذقة لسببين؛ الأول أن المصرفيين العالميين كانوا مرتاحين في العمل مع البحرين، حيث كانت تحتل المركز الحادي عشر في مؤشر الحرية الاقتصادية، والثاني أنهم سيتمكنون من إقراض مصرف لا شركة. في عام 2003، نشأت المؤسسة المصرفية العالمية، وكان معن الصانع مديراً لإدارتها، وجلين ستيوارت مديراً تنفيذياً لها.
أكّد ستيوارت للدائنين دعم القصيبي الكامل في إعادة سداد القرض، وما كان من الأخير إلا أن أكد ما صرح به ستيوارت لبنك المشرق. بعد ذلك، وفي 11 مايو 2009، تعثرت المؤسسة المصرفية العالمية، وصارت مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه مدينة لبنك المشرق بمبلغ قدره 250 مليون دولار، بالإضافة إلى أنه كانت هناك ديون أخرى لنحو 62 بنكاً آخر تعثّرت المجموعة في الإيفاء بمستحقاتها. في فبراير 2011، عيّنت الحكومة البحرينية شركة "كرول"، وهي شركة تحقيقات خاصة، دفع لها القصيبي. يشير تقرير "كرول" إلى أن الصانع قدم أغلب الأسماء ومستنداتهم ذات الصلة إلى ستيوارت. ويفيد التقرير بأنه كان هناك أسماء لشركات حقيقية في سجلات قروض المؤسسة المصرفية العالمية، وأجريت من دون رضا الشركة. وفي أعقاب انهيار المؤسسة المصرفية العالمية، فُرض حظر سفر على ستيوارت على خلفية التحقيقات الجارية بشأن المؤسسة المصرفية العالمية على يد شركة التدقيق المعروفة باسم إرنست ويونج. زاد سعود القصيبي، صهر معن الصانع، تفاقم المشكلة، حيث جلب محامين للتحقيق فيما كان يدور داخل المؤسسة المصرفية العالمية. قاد إيريك ليويس، المحامي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، دعوى قضائية في كاليفورنيا رفعها على ستيوارت متهماً إياه بالتآمر مع معن الصانع للاحتيال على عائلة القصيبي بمبلغ قدره 9 مليارات دولار.
بداية القصة يُعد حمد القصيبي أحد أكبر رجال الأعمال في السعودية، ويعمل في قطاعات عديدة في بلدان وقارات مختلفة. أما بالنسبة إلى معن الصانع فهو ملياردير سعودي ذو أصولٍ كويتية، وهو أيضاً رئيس مجموعة السعد، التي هي في الأساس شركة استثمارية، ويُعد ثاني أكبر مساهم في بنك "إتش إس بي سي". وفي مطلع سبعينيات القرن الماضي، وبينما كان النفط يجعل من الشرق الأوسط مركزاً للقوة الاقتصادية، تزوّج الصانع من عائلة القصيبي، ثم أصبح مسؤولاً عن شركات الخدمات المالية لمجموعة القصيبي، وسرعان ما ذاع صيته داخل الشركة. كان لمجموعة القصيبي قسم للصرافة، وكان بدوره يقترض مبالغ ضخمة من بنوكٍ عالمية. (معن الصانع) ويشير أحد التقديرات إلى أن القروض وصلت قيمتها إلى 120 مليار دولار من عام 2000 إلى عام 2009. وقد يصعب تصديق ضخامة المبلغ نفسه، نظراً إلى طبيعة عمل الصرافة. لكن الأكيد في هذا الأمر أن أغلب تلك القروض جرى الحصول عليها من خلال المؤسسة المصرفية العالمية في البحرين، التي بدورها جمعت الأموال من أسواقٍ وسيطة. في مايو 2006، تعثّرت المؤسسة المصرفية العالمية في سداد التزاماتها، وبالتتابع، تعثّر قسم الصرافة بمجموعة القصيبي هو الآخر.
وأكد كبير مسؤولي إعادة الهيكلة لدى مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه سايمون تشارلتون الموافقة على المطالبات ضد الشركة. وقال لـ«رويترز»: طلب الوصي إذنا من المحكمة لتشكيل لجنة من الدائنين ونأمل أن نتوصل لتشكيل لجنة سريعا ثم نخلص إلى مقترح بهدف الحصول على تصويت من الدائنين على مقترح يمكن طرحه للمحكمة للمصادقة عليه خلال 90 يوما. ولم يرد حتى الآن ممثل قانوني عن مجموعة سعد والصانع على طلب للتعقيب. وسيتم الآن إدخال ما تمت الموافقة عليه من مطالبات الدائنين ضمن مقترحات إعادة الهيكلة التي من المقرر أن يقدمها الدائنون وممثلو البنوك الخاصة بهم إلى المحكمة. وأظهرت الوثيقة أن المحكمة وافقت على مطالبات من أكثر من 70 مؤسسة مالية في قضية مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه، بما في ذلك بنوك سعودية وإقليمية وبنوك دولية، لكنها رفضت 2 من 4 مطالبات من المؤسسة المصرفية العالمية، لبنك خليجي له مطالبات بنحو 3 مليارات دولار ضد مجموعة أحمد حمد القصيبي وإخوانه. وكان البنك جمع الأموال للمجموعة من أسواق عالمية وتحويلات وصناديق. وبحسب وثيقة المحكمة، جرت الموافقة على مطالبتين للبنك بقيمة 1. 8 مليار دولار تقريبا من الـ3 مليارات دولار.
Twitter Facebook Linkedin Google plus whatsapp عشرة أعوام مرت على واحدة من أكبر القضايا التي عرفها العالم في مجال تسوية ديون لشركات كبرى بلغت نحو 14 مليار دولار، بطلاها اثنتان من أكبر إمبراطوريات المال في العالم. تلك القضية تعتبر أيضاً أكبر وأطول أزمة ديون في السعودية، وأكبر وأطول قضية خلاف بين اثنتين من أثرى عوائل المملكة، تشير الأحداث إلى أنها تقترب من الحل؛ بعد أن وافقت محكمة على مطالبات من دائنين بنحو 14 مليار دولار. وأفادت وثيقتان من محكمة سعودية اطلعت عليهما "رويترز" مؤخراً، أن المحكمة وافقت على مطالبات بأكثر من سبعة مليارات دولار من دائنين ضد مجموعة "أحمد حمد القصيبي وإخوانه"، ونحو 6. 5 مليار دولار ضد رجل الأعمال الكبير "معن الصانع" وشركته التي تحمل اسم "مجموعة سعد". ودب خلاف حاد بين أفراد عائلة القصيبي والصانع (وهو متزوج من عائلة القصيبي)، بشأن من يتحمل مسؤولية انهيار الشركتين عام 2009. وينكر كلا الطرفين ارتكاب أي مخالفات، لكن على الرغم من ذلك خلّف توقف عمل الشركتين ديوناً بمليارات الدولارات لعشرات البنوك المحلية والدولية لم تسدَّد. ولن تقدم النهاية التي تضعها المحكمة للأزمة نوعاً من المساعدة لأولئك الدائنين فحسب، وإنما على نطاق أوسع ستكون مؤشراً هاماً للمستثمرين الدوليين، إذ سيجري حل القضايا بموجب قانون جديد للتفليسات في المملكة بدأ تطبيقه في 2018، في إطار إصلاحات ترمي إلى جعل المملكة أكثر وداً مع المستثمرين.